الخميس، 21 مايو 2009

رواية عمرة الدار في مختبر السرديات بالمغرب

افتتح مختبر السرديات يوم الخميس 14 ايار (مايو) 2009 أشغال الملتقى الثاني للرواية المصرية المغربية بقاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء، والذي استمر ثلاثة أيام (14-15-16 ايار/مايو 2009 )من تنظيم مختبر السرديات بالدار البيضاء والمندوبية الجهوية للثقافة بشفشاون. حيث قدم شعيب حليفي لهذا اللقاء بكلمة شكر فيها كل النقاد والباحثين والروائيين، وقدم تحية خاصة لكل من محمد برادة وجابر عصفور باعتبارهما من أرسيا منذ 1996 أُسُس هذا الملتقى المغربي المصري إلى جانب طاقم ممن شكلوا عماد الملتقيات السابقة.
وحول رواية "عمرة الدار " لهويدا صالح ،بحثت سعاد مسكين عن شعرية الواقع والمتخيل الشعبي من خلال كيفية كتابة الرواية انطلاقا من قوالب جديدة تجعل من الخيال أداة لتشكيل الواقع . ومن خلال هذا ناقشت الباحثة ثلاثة محكيات للحفر في صور الشخصيات قبل الانتقال إلى الحديث عن المتخيل الشعبي في الرواية وتجلياته .وقد خلصت سعاد مسكين في نهاية بحثها إلى الاستنتاجات التالية:- عملت الرواية على تأسيس قول روائي جديد ذو سياق إبداعي مفتوح على التداول التراثي القديم والذي يبتعد عن جماليات النمط الواقعي في الكتابة.- سعت الرواية إلى جعل القدسي مستمرا وحاضرا إلى جانب الواقعي فخلقت بذلك تجسيدا حيًّا لحياته خارج زمانه الأصلي .- إن مزاوجة الروائية بين الواقعي الحقيقي والغرائبية السحرية يأتي عبر عنوان الرواية الذي من مدلولاته انه صفة لصيقة بالمنزل الكبير؛ويرتبط بمكرمات أهل "الفرن" وعنايتهم بأهل المنزل الكبير.- على الرغم من اتخاذ الرواية نمط رواية " الجيل" أو الرواية "النهرية" فإن النفس السيري بنوعيه الذاتي والشعبي يطفو على سطح الكتابة

الثلاثاء، 12 أغسطس 2008

ليس حالما تماما

( 1 ) مقدمة لا بد منها

هو رجلها الذي أشعل نيران الدهشة الأولي ... ومضي دون أن يلمس صباحاتها التواقة إليه .. وهي امرأة وحشية تقيم طقوساً لجسدها .. تصلي صلوات وثنية وتقول للروح أغنية .. وللجسد فرح .. وللرجل سيد الوقت حق في تشكيل الخرائط .. ونسج خيوط الاشتهاء ... وهي تصرخ فيه .. يا سيد الحلم / التوق .. هلا أزحت لغة الصمت التي كويتني بها .

كان يجلس علي خارطة الحلم ... ينسج أثوابا لا يرتديها .... يشكل كلمات لا يعنيها .. لما سمع صراخها قال جملته التي أثارت حقدها عليه .. جعلتها تلعنه كل يوم ألف مرة ... صارت لعنته صلاتها ... قال لها : لا أتصورك جسدا يشتهي ... أنت حبيبة الروح وكفي .

( 2 )

كيف تتصورني إذن ؟! .. قادر أنت علي تحويلي إلي أنفاس تشتمها في عمق ووجد وكفي ! أتكتفي المرأة فقط بالوهج .. بالوجد والشغف ؟! إذن من يتلمس العتمة داخلي ... من يهدهد وحشية الأحلام .. نظر إلي نظرة عاتبة وصمت .. فقط صمت .. وبعد طول صمته سألني هل هناك آخر أسعي إليه ... وطال صمته .. ثم قال حزينا وبشكل ميلودرامي : هل أريد أن أنزل عبء شغفنا عن كاهلي ... لم أمهله ليدخل في نوبات صمته ... أنا أريد بيتا وعرسا وسريرا دافئاً ... ودخلت في الصمت .. أنتظرت أن تسكتني بشفاهك .. تمتصني عبقاً زاخما بالاحتمالات .. لكنك لم تفعل .. فقط قلت لا أقدر أن أوفر لك ما تطمحين .. ثم حزنت وصمت .. تركتني أتحدث كثيراً عن مبررات قراري .. عن أمي التي ترغب في أن تراني عروساً .. عن أبي الحزين الذي يخشي الرحيل دون أن يطمأن علي .. عن الآخر وعطوره البازخة وسيارته الفارهة .. غرقت في الصمت .. عرفت كيف تهرب من الأسئلة .. لغتي تغرق في الاحتمال .. ولغتك قاطعة .. قلت لن أستطيع أن أوفر لك بيتاً وحياة ... كم من الوقت يلزمك لتقول لي إني أحررك من قيود شغفنا ... آه أيها الحالم .. غادرتك محملة بالوهم والشجن ... وسمحت لآخر أن يعتليني دون رغبة حقيقية مني لا لشيء إلا لأنه قادر علي أن يوفر سقفا وحياة .

( 3 )

ما الذي جعلك تعاملها هكذا ببراءة تامة ؟ لماذا رأيتها في تلك اللحظة أعلي من أن تلمسها يداك ؟ من هي حتي تعاملها بقدسية لا تليق بتصوراتها التي ظلّت ترسمها للقاء ؟ سيناريوهات كثيرة تخيلتها ولم يكن مقابلتك العذرية تماما واحدا منها أنت الذي اكتفيت بالضغط علي يدها ومحاولة إبقائها في يدك أطول فترة ممكنة . لما جاءك صوتها بعد هذه السنوات الطويلة لم تصدق أذنيك ورقصت طربا ، خفق قلبك كمراهق صغير يحصل علي موعد لأول مرة من حبيبة تمناها كثيرا . صوتها رائق ودافئ كعهدك به تطلب في دلال معرفة عنوانك . تتلعثم وأنت تصف لها العنوان الجديد ... صوتها يمتلئ شجناً وهي تسألك متي غيرت عنوانك القديم ... تتجاهل السؤال حتي لا تقول بعد خيانتك لقصة حبكما ... لماذا شعرت بنغذة فوق القلب وأنت تردد الجملة في رأسك ... لقد كانت قصة حبكما فاشلة بأية حال ، ليس لأنك شخص لا يوثق به ويخون حبيباته القدامي ، بل لأنك كنت حالما بشكل زائد ، فاتهمتك بعدم الواقعية ، كفاحك لم يبد له آخر ، ولا يوفر سقفا وحياة . ربما لم يكن الأصدقاء محقين حين حسدوكما علي هذه العلاقة .

سأخبرك أمرا هي ليست سعيدة بهذه الحياة وإلا لماذا سعت إليك بعد هذه السنين ؟ ولماذا وافقت علي اللقاء في منزلك .. ربما تكون اهتزت فرحا حين دعوتها لمنزلك ... سمعت من أختك أنك طلقت زوجتك ... لو تصورت اللقاء هكذا لقالت لك مثلا نتقابل في مكاننا المفضل . ذلك المكان الذي شهد علي كل الوعود التي قطعتها لك.

نساء كثيرات جئن إليك وفعلت معهن كل ما تشتهى ، فلماذا ليست هي ؟ ! لماذا لم تأت بها إلي سريرك وتعريها قطعة قطعة ... مثلما فعلت كثيراً في أحلام يقظتك .

أنت هكذا من تحبها لا تقدر علي تصورها في السرير... ومن تأتي بها إلي سريرك لا تحبها ....... هل يعود ذلك إلي تلك الرومانسية التي تغرق فيها حتي أذنيك لدرجة تمنعك من تصورها جسدا يشتهي ؟ ... أم الخوف علي براءتها المفترضة، ..... لعلمك هي مجرد امرأة لطالما اعتلاها زوج لم تكن أبدا تطيق نفسه أو رائحة فمه ... ولكنها لم تعترض يوما ... ولم تستطع أن تهرب من أسفله ، بل داومت علي إدعاء الاستمتاع والرغبة .... وبعدها كانت تجري علي الحمام لتفرغ جوفها من أثر ريقه . بل هي أقل من عادية ، تفوح منها رائحة العرق ولا تفلح التركيبة التي تأتي بها من العطار في إخفاء رائحتها ... لا تقل أن رائحة عرقها تثيرك .. فلم تثر زوجها يوماً .. بل دائما طلب منها أن تتعطر قبل الدخول إلي سريره .

أعلم أن رائحتها تثيرك وأنها تذكرك برائحة الخميرة البيرة واللبن المتخثر ، بل تذكرك برائحة جسد أمك البض الذي كنت تستمتع بتشممه حتي لما كبرت كنت تلقي بجسدك في حضنها وتغيب لحظات مع تلك الرائحة .

فقط لو يعرف كم أتعذب به ... فقط لو كان ما قالته أخته حقيقة ... هل حقا لم يستطع إكمال حياته دوني .... حلما ونافذة يبص بها علي الروح هو ما كان يملك ... لم أكن قادرة علي الحلم ... فهربت من دروبه ... اخترت رجلا يملك ما أحقق به الأحلام .. ولكنني لا زلت أكتوي بنيرانه ... هو يسكن تحت الضلوع ... يفقدني بهجة كل شيئ ...

تذكر حين انفردتما يوما وأنتما تصعدان إلي الروف جاردن في المصعد ، ولم يكن معكما عامل المصعد يومها . نسيت أن تأخذ شفتيها اللتين كانتا مثيرتين في فمك . انشغلت عن ذلك بتشمم جسدها . يدك الممدودة ترتعش ، وهي تقبض علي يديها ، صوتك يفضحك تماما ، تشعر بارتباكك ، عيناك زائغتان كشاب ضبطه أبوه يقبل ابنة الجيران . ابتسمت في دلال وجلست بجانبك علي الكنبة ، لا يفصلكما سوي المخدة الصغيرة التي وضعتها علي حجرها بتلقائية تبدو غير مقصودة ، لتفسح المجال لجسدك يلامس جسدها .الآن هي بين يديك ، وتمد يدها لتفك التوكة التي تقيد شعرها خلف رأسها . تحرره ثم تهزه في غنج واضح ، وعيونها تشتعل رغبة . أنت تكتفي بالنظر إليها ، وتأملها في وجد لا يليق بهذه اللحظة . ظللت تتحدث عن الأصدقاء وماذا فعلت بهم الأيام والذكريات ، وتجنبت تماما الحديث عن فراقكما . كانت تجلجل ضحكاتها ، وهي تستمع إلي تقليدك لبعضهم وتلمع عيونها . أصابعها تمتد لتزيح خصلات غطت وجهها ، لا تعرف كيف واتتك الجرأة لتلمس خدها الأسمر الرقيق ، تمرر إصبعك فقط علي خدها ، تفيق لنفسك بعد أن شعرت بارتباكها ، فتغير الموضوع وتتحدث عن المشهد السياسي وحال الناس ما لها هي والناس . هي الآن تذوب في انتظار لمستك وأنت لا تفعل ، بل تستمر في الحديث ، وهي تضحك حتي تقع علي ظهرها . يبين قميصها الأسود . تتعمد أن تظل هكذا نائمة علي ظهرها .. ترفع ذراعاه و تضعه أسفل رأسها ... تضع الذراع الآخر علي رأسها ... ويسود بينكما سكون للحظات ... طالت .. تكاد تسمع دقات قلبك ... وهي تغمض عينيها وتظل راقدة في انتظار يدك ... حين تطول اللحظة ، تمد يدك لترفع رأسها ، فتقوم وهي قابضة علي ذراعك . تنظر لها في وجد ، وتقول :

ـ اشربي العصير

تخرج لسانها ليلامس شفتها العليا أثارك المشهد تماما فتقول رغما عنك :

ـ يخرب بيتك .

تنتبه لجملتك وتفهمها ولكنها تدعي البراءة وعدم الفهم وتسألك في دلال لماذا قلت هذا التعليق تتهرب من الإجابة ولكنها تلح وتظل تزحف إليك حتي تلامس ركبتيها فخذك فيشتعل جسدك وتشعر أنك مهيأ لها ، تشعر بالملل والإحباط ، فتنزل قدميها علي الأرض تقول في مرح وهي تبحث عن حذائها

ـ أنا همشي بقي أحسن اتأخرت

وتقرر الرحيل .

الخميس، 24 يوليو 2008

عمرة الدار في طبعتها الثانية

بعد نفاذ الطبعة الأولى من رواية عمرة الدار للروائية هويدا صالح
تصدر الرواية في طبعتها الثانية عن دار فكرة للنشر والتوزيع
ولهويدا صالح الإصدارات :ـ
.مجموعة قصصية بعنوان سكر نبات ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ 1996ــ
مجموعة قصصية بنت وحيدة وصورة معلقة على جدار ـ 1998 .ـ
رواية عمرة الدار طبعة أولى الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ 2007 ..ـ
تحت الطبع :ـ
كتاب نقدي عن طرائق السرد في الرواية الجديدةـ
صورة المثقف في الرواية المصريةـ
رواية عشق البنات